حقيقة الاختلاف بين العلماء في كثير من الأحكام : ـ
الخلاف هي مخالفة الرأي أيا كان حتي لو كان صحيحا المهم أنك تخالفه فهذا يسمي خلاف وهذا ليس موجودا عند الفقهاء والاختلاف هو تنوع الأراء والأفكار علي حسب فهم النص وهذا هو الوارد عند الفقهاء كثيرا فيبدأ الأمر بالخلاف أي أن يقول فلان خلاف قول فلان ثم يأتي كل منهم بدليله وعندها يتحول الخلاف إلي اختلاف أما من خالف ولم يأت بدليل علي خلافه فهذا هو المسمي بالخلاف أو الجدال وهو المنهي عنه في الكتاب والسنة والخلاف بين العلماء والفقهاء منشؤه فهم النص فكل منهم فهم النص بصورة أفتي من خلالها وتكونت لديه قناعة من خلال مفهومه للنص ومن خلال اجتهاده في النصوص وقد حدث ذلك منذ عصر النبي صلي الله عليه وسلم فقد ورد في صحيح البخاري من حديث ابن عُمَرَ قال قال النبي صلي الله عليه وسلم لنا لَمَّا رَجَعَ من الْأَحْزَابِ لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إلا في بَنِي قُرَيْظَةَ فَأَدْرَكَ بَعْضَهُمْ الْعَصْرُ في الطَّرِيقِ فقال بَعْضُهُمْ لَا نُصَلِّي حتى نَأْتِيَهَا وقال بَعْضُهُمْ بَلْ نُصَلِّي لم يُرَدْ مِنَّا ذلك فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ فلم يُعَنِّفْ وَاحِدًا منهم “
وحاصل القصة أن الرسول لما فرغ من غزوة الأحزاب وقفل عائدا إلي المدينة أتاه جبريل فقال له إن الله يأمرك أن تسير إلي بني قريظة فأمر بلال فأذن في الناس “
من كان سامعا مطيعا فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة “
وعلي ذلك توجهوا سريعا إلي بني قريظة وكان ذلك بعد صلاة الظهر والطريق يستغرق حتي ما بعد المغرب فلما قصدوا الطريق وجبت صلاة العصر فبعض الصحابة حملوا النهي علي حقيقته معتبرين بما كان من قبل في غزوة الخندق بجواز التأخير لمن كان مشغولا بالحرب فقد صلي رسول الله صلي الله عليه وسلم العصر بعد غروب الشمس وقال كما هو عند البخاري من حديث علي ملأ الله عليهم بيوتهم وقبورهم نارا كما شغلونا عن الصلاة الوسطي حني غربت الشمس “
ومن هنا استدلوا لأنفسهم بجواز تأخير الصلاة حتي بعد الغروب ، وفريق آخر حمل النهي علي غير حقيقته واعتبروا أن أمر الرسول إنما المراد به الحث علي السرعة والنبي لم يعنف أحدا منهم لأنهم اجتهدوا وفق فهمهم للنص !
هذا خلاف بين الصحابة في عهد النبي تحول إلي اختلاف بسكوت النبي صلي الله عليه وسلم وإقراره للرأيين والخلاف نوعان محمود ومذموم … غدا نتواصل بإذن الإله